المدافعون عن حقوق الإنسان المسجونون في البحرين: حالة الدكتور عبد الجليل السنكيس

وضع حقوق الإنسان الخاص بسجناء الرأي في البحرين يُثير قلقًا بالغًا. إحدى الأمثلة البارزة على ذلك هي قضية الدكتور عبد الجليل السنكيس، الأكاديمي والشخصية المعارضة الذي سُجن منذ عام 2011 وتعرض للإساءة والتعذيب خلال مدة  سجنه. هذا الانتهاك المستمر لحقوق الإنسان بدأ عندما مارس السنكيس حقه في حرية التعبير ونشاطه خلال اندلاع الربيع العربي.

عبد الجليل السنكيس هو مهندس ميكانيكي، مدوّن وناشط في مجال حقوق الإنسان، تم اعتقاله دون أن تقدم الشرطة مذكرة توقيف. نتيجة للإساءة الجسدية والنفسية والتعذيب الذي تعرض له في أثناء وبعد اعتقاله، أدلى الدكتور عبد الجليل باعتراف كاذب وحُكم عليه بالسجن مدى الحياة بتهمة محاولة إسقاط الحكومة. في الواقع، تم الحكم على الدكتور السنكيس بسبب ممارسته لحقه في حرية التعبير والتجمع ودوره السلمي خلال الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية، مما أدى إلى تعرضه لانتهاك منهجي لحقوقه ولمحاكمة غير عادلة.

يعاني الدكتور السنكيس من مشاكل صحية عدة. ومنذ مارس 2013 تجاهل المسؤولون البحرينيون بشكل مستمر طلباته للحصول على الرعاية الطبية، على الرغم من معاناته من شلل الأطفال المزمن والطويل الأمد الذي أصيب به منذ الطفولة، والذي تركه مشلولاً منذ ذلك الحين. يعتمد الدكتور السنكيس على كرسي متحرك، ومع ذلك تم منعه من الوصول إلى المواعيد الطبية إلا إذا وافق على الخضوع لمعاملة مهينة تنتهك قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء. على سبيل المثال، تفاقمت حالة متلازمة النفق الرسغي لدى الدكتور السنكيس بعد أن أُجبر على الوقوف على ساقه ويداه مرفوعتان ومقيدتان، كما تُرك دون نظارات لأكثر من شهر، ورفضت سلطات السجن استبدال الوسائد المطاطية على عكازيه.

بعد سجنه في سجن جو، حيث تدهورت حالته الصحية بشكل كبير نتيجة للإساءة والمعاملة اللاإنسانية، تم احتجاز الدكتور السنكيس في مركز كانو الطبي لمدة تتجاوز الثلاث سنوات حتى الآن. لقد تم عزله في نفس القسم مع السجين السياسي البارز الأستاذ حسن مشيمع، وكلاهما لا يزالان ممنوعين من مقابلة السجناء الآخرين. في هذا المركز، حُرم الدكتور السنكيس من الوصول إلى أشعة الشمس المباشرة، ومن الحصول على ملابس جديدة، والعلاج الطبيعي والأدوية الضرورية والفحوصات الطبية المطلوبة.

بسبب سوء المعاملة والمضايقات التي تعرض لها في أثناء وجوده في السجن، بدأ الدكتور السنكيس إضرابًا عن الطعام لتسليط الضوء على المعاملة المهينة من قبل السلطات البحرينية. وبدأ برفض الطعام الصلب احتجاجًا على مصادرة سلطات السجن لمخطوطته التي تناقش اللهجات العربية والثقافة البحرينية، واستمر في إضرابه عن الطعام الصلب لأكثر من عام، مما أدى إلى تفاقم حالته الصحية. ولا يزال مستمرًا في إضرابه عن الطعام الصلب – الذي بدأ قبل 1,207 يومًا – وقد تدهورت حالته الصحية في سبتمبر 2024 عندما كثف إضرابه.

في 14 سبتمبر 2024، وبعد تأخير وزارة الداخلية في توفير الأدوية الضرورية، قرر الدكتور السنكيس التوقف عن تناول محلول الفيتامينات والمعادن الذي كان يعتمد عليه للتغذية، واكتفى بشرب الماء فقط. وبسبب رفضه العلاج، قدم فريق التمريض في مركز كانو الطبي له سوائل عن طريق الوريد للحفاظ على حياته.

ومع ذلك، نظرًا لتدهور حالته الصحية وصعوبة الوصول إلى الأوردة، قرر الدكتور السنكيس التوقف عن استخدام السوائل الوريدية أيضًا، مما دفعه مؤخرًا إلى استئناف تناول محلول الفيتامينات والمعادن. ونتيجة لذلك، انخفض عدد خلايا الدم الحمراء لديه بشكل حاد، مما يعرض حياته للخطر. ويرجع ذلك بشكل أساسي إلى التأخير في توفير الأدوية الحيوية كما أشار الدكتور السنكيس. تحاول السلطات تصويره على أنه يرفض تناول أدويته، لكنه أكد أن غرفته مليئة بعلب الأدوية الفارغة. كما أنه يُحرم من العلاج لمجموعة من الحالات الطبية، بما في ذلك التهاب المفاصل، وضعف البصر، والرعاش، ومشاكل البروستات، ومشاكل الأسنان، والأمراض الجلدية، ومشاكل التنفس. في الواقع، فشلت السلطات في توفير الأدوية اللازمة له حتى الآن.

دأبت عائلة الدكتور السنكيس على إدانة التسويف المستمر والإهمال، وطالبت وزارتي الداخلية والصحة، إلى جانب إدارة مركز كانو الطبي، باتخاذ إجراءات فورية ومحاسبة الجهات المسؤولة عن تدهور حالته الصحية. بالإضافة إلى ذلك، في مارس 2021، انضم البرلمان الأوروبي إلى منظمة مراسلون بلا حدود، ومنظمة PEN الإنجليزية، ومنظمة العفو الدولية، وغيرها من المنظمات الفاعلة، في دعوتهم للإفراج الفوري وغير المشروط عنه. وفي مارس 2023، أصدرت مجموعة العمل التابعة للأمم المتحدة المعنية بالاحتجاز التعسفي رأيًا حول قضية الدكتور السنكيس، طالبت فيه بتوفير الرعاية الطبية المناسبة له.

ومع ذلك، لا يوجد أي دليل على أن الحكومة البحرينية والمؤسسات الرقابية المحلية مثل المعهد الوطني لحقوق الإنسان (NIHR) ومكتب أمين المظالم بوزارة الداخلية يتخذون أي إجراءات تصحيحية لتحسين حالة الدكتور السنكيس الصحية، التي تستمر في التدهور.

تدعو منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وقوق الإنسان في البحرين  السلطات البحرينية للاستجابة لطلب الإفراج الفوري وغير المشروط عن الدكتور السنكيس، الذي تم احتجازه بشكل تعسفي بسبب نشاطه السلمي منذ عام 2011. إن اعتقال الدكتور السنكيس التعسفي، والإساءة، والإهمال الطبي هي انتهاكات واضحة لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. كما تحث منظمة ADHRB الحكومة البحرينية على التحقيق في مزاعم التعذيب والإهمال الطبي نظرًا لتدهور حالة السيد السنكيس الصحية. أخيرًا، تدعو المنظمة المجتمع الدولي إلى زيادة الضغط من أجل تزويد الدكتور السنكيس بسرعة بالرعاية الطبية المناسبة والضرورية، من دون قيود مهينة، مع احترام معايير القانون الدولي.