شابت إنتهاكات واسعة لحقوق الإنسان مع محاكمة رجل الدين الشيعي البارز و الناشط السياسي الشيخ نمر النمر. كان الشيخ نمر، من قرية العوامية في منطقة القطيف في المملكة العربية السعودية، من أشد منتقدي الحكومة السعودية و دعا إلى إجراء إصلاحات سياسية سلمية. دعا أيضاً إلى العصيان المدنيّ السلميّ لسياسة الحكومة التمييزية التي أدّت إلى تهميش الطائفة الشيعية في المملكة. لطالما بذلت الحكومة السعودية جهدها لمحاكمة و إعدام الشيخ نمر بتهم تمنعه من حقه في حرية التعبير.
في عام ٢٠١١، شهدت المملكة العربية السعودية موجة من الإحتجاجات في المنطقة الشرقية. كان الشيخ نمر مؤيد لهذه المظاهرات و لكنه توارى عن الأنظار خوفاّ من إنتقام الحكومة. في عام ٢٠١٢، و مع غياب مذكرة إعتقال، تمكنت السلطات من إعتقاله بشكل تعسفيّ و عنيف في ظل ظروف متنازع عليها. تظهر منظمات تدافع عن حقوق الإنسان مطاردة المسؤولين السعوديين لسيارة الشيخ نمر حتى إصطدامه حيث أجبروه على الخروج من السيارة، و أطلقوا عليه النار. إحتجزت السلطات الشيخ نمر في زنزانة إنفرادية في مستشفى سجن قوات الأمن خلال معظم فترة إعتقاله. منعت السلطات الشيخ نمر من التحدث إلى عائلته في الأشهر القليلة الأولى. غير أن السلطات السعودية لم تقدم العلاج الطبي المناسب إلى الشيخ نمر جراء الإصابات التي أصيب بها أثناء إلقاء القبض عليه، مما أدى إلى المزيد من المضاعفات الطبية و شلل جزئي في ساقه. سمحت السلطات بإجراء عملية جراحية في ظهره لإزالة الرصاصة بضعة أيام قبل إعدامه.
طوال جلسات عام ٢٠١٣ و ٢٠١٤، إنتهكت السلطات مراراً و تكراراً حق الشيخ نمر في محاكمة عادلة. إحتجزت الحكومة الشيخ نمر لأكثر من ٢٦٠ يوماً دون تهم. لم تتطرق السلطات في البداية إلى الإتهامات لفريق دفاع الشيخ نمر. فشل القاضي بإعلام فريق الدفاع عن موعد جلسات الإستماع في الوقت المناسب. علاوة على ذلك، رفضت المحكمة إتاحة الفرصة لفريق الدفاع لإستجواب ضباط الشرطة الذين إعتقلوا الشيخ نمر. يشكل قرار القاضي بحرمان فريق الدفاع من فرصة الإستجواب إنتهاكاً للقانون السعودي و الدولي. فضلاً عن ذلك، تم إستبدال القاضي من قبل الحكومة خلال منتصف المحاكمة. بالإضافة إلى ذلك، لم يسمح للشيخ نمر بإجراء محادثات سرية منتظمة مع محاميه أو حتى في الحصول على قلم و بعض الأوراق.
في ١٥تشرين الأول ٢٠١٤، حكمت المحكمة الجزائية المتخصصة على الشيخ نمر بالإعدام بتهمة إرتكاب جرائم تتعلق بحرية التعبير السلميّ، بما في ذلك عصيان ولي الأمر و التحريض على الفتنة الطائفية و تشجيع المظاهرات. إستندت المحكمة في حكمها على الخطب التي ألقاه الشيخ نمر. في دراسة أجريت على خطاه و أنشطته، فشلت المنظمات الحقوقية بالعثور على أي دليل على تحريضه على العنف أو النشاط الإرهابي. بدلاً من ذلك، كان الشيخ نمر يقوم بممارسة حقه في حرية التعبير. تتعارض بعض التهم التي وُجهت إليه، بما في ذلك عدم إطاعة الحاكم، مع القانون الدوليّ لحقوق الإنسان، و مثل هذه الإتهامات تقوم بتجريم حرية التعبير.
في ١٧ نوفمبر عام ٢٠١٤، أصدر الفريق العامل المعني بالإحتجاز التعسفي و العديد من المقررين الخاصين تقرير لمكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان مشيرين إلى أن محاكمة الشيخ نمر “لم تستوفي الاجراءات القانونية الصارمة و ضمانات المحاكمة العادلة.” كما أعربوا عن القلق إزاء مزاعم التعذيب الشديد و سوء المعاملة طوال فترة إحتجاز الشيخ نمر و معظمها قضاها في الحبس الانفرادي. كما أعربوا عن قلقهم بسبب مزاعم الحرمان من العلاج الطبي.
يشكل إعتقاله و محاكمته انتهاك لحقه في عدم حرمانه تعسفياً من حريته، بموجب المادة التاسعة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. علاوة على ذلك، إنتهكت الحكومة حقه في محاكمات عادلة أمام محكمة مستقلة و محايدة، على النحو المنصوص عليه في المادة ١٠ من الإعلان العالمي. مع ذلك، لم يستطع الشيخ نمر التوصل إلى محامي بشكل كافي، و هو حق منصوص عليه في المبادئ الأساسية بشأن دور المحامين. بالإضافة، يشكل التعذيب المزعوم بحق الشيخ نمر إنتهاكاً للمادة ١٥ من إتفاقية مناهضة التعذيب التي إنضمت إليها المملكة العربية السعودية في عام ١٩٩٧. فشلت الحكومة أيضاً في تأمين حق الشيخ نمر في التمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة البدنية و العقلية عندما رفضت أن تقدم له العلاج الطبي أثناء الإحتجاز.
في ٤ مارس عام ٢٠١٥، أعلنت وسائل الإعلام السعودية أن محكمة الاستئناف لن تعترض على حكم المحكمة الجزائية المتخصصة الأصلية. صادقت المحكمة العليا في السعودية على عقوبة الشيخ نمر في أكتوبر ٢٠١٥، تاركةً له لا مجال للاستئناف. في ٢ يناير ٢٠١٦، قامت الحكومة السعودية بعملية إعدام جماعي بحق ٤٧ شخصاً، من بينهم الشيخ نمر. قام الشيخ نمر بممارسة حقه في حرية التعبير عندما عبر عن استيائه إزاء ممارسات السعودية التمييزية التي استهدفت السكان الشيعة في البلاد على مدى العقود الطويلة. إعتقال و محاكمة و إعدام الشيخ نمر هو مثال آخر على الإنتهاكات المتواصلة لحقوق الإنسان التي ترتكبها حكومة السعودية.
و يمثل تزايد عدد عمليات الإعدام في عام ٢٠١٦ تجاهل الحكومة السعودية للمعايير الدولية لحقوق الإنسان، كما أنها لا تزال تستخدم قوانين غير واضحة بهدف تجريم المعارضين. يشكل الإعدام الجماعي الذي شمل الشيخ نمر و ٤٦ آخرين سابقة خطيرة للعام الحالي. تسلط محاكمته الضوء على التناقضات في النظام العدالة الجنائية في السعودية. لذلك، في ظل التزاماتها الدولية، على السعودية ضمان لجميع المتهمين الإستشارة القانونية و المحاكمات العادلة. في الوقت ذاته، على الحكومة السعودية محاسبة و مساءلة جميع المتورطين في عمليات التعذيب. ليس بإمكان المجتمع الدولي لزوم الصمت بعد الآن بينما تواصل المملكة الخليجية انتهاك حقوق الإنسان. على المجتمع الدولي مواصلة الضغوطات على الحكومة السعودية حتى تتقيد بالتزاماتها الدولية.
مبشرة تزامل زميلة مناصرة في منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية و حقوق الإنسان في البحرين