التفجير الارهابي الثاني الذي يستهدف مسجداً للطائفة الاسماعيلية جنوب غرب المملكة العربية السعودية، ولا يبدو انه الاخير في حال استمرت حالة الانفلات الامني جراء الاشتباكات المستمرة على الحدود مع اليمن، فضلا عن دلالات الوثيقة الرسمية التي تم تداولها بعد ساعات من التفجير الاخيرة الذي استهدف مسجد (المشهد) في نجران يوم (الاثنين) الماضي وراح ضحيته 2 من المصلين.
وحثت هذه الوثيقة التي صدرت من ديوان امير نجران كافة رجال الامن السعوديين في المنطقة الجنوبية على تكثيف جهودهم في حماية مساجد نجران تحسباً الى اي هجماتٍ إرهابية مرتقبة قد ينفذها تنظيم (داعش)، واشارت الوثيقة الرسمية في السطر الاخير الى استثناء مساجد الطائفة الاسماعيلية من الحمايات، وإحالة موضوع حمايتها الى جهات مختصة في الامارة (الجنوبية) من دون الاشارة الى طبيعة هذه الجهات او ما هي الاجراءات المتخذة لحمايتها، مما يشير الى بقاء هذه المساجد من دون حماية رجل الامن على الاقل.
يدين غالبية سكان جنوب غرب السعودي نجران الى الطائفة الاسماعيلية وهم ينحدرون من قبائل عريقة كقبيلة همدان ويام ويبلغ تعدادهم بحسب التقارير الدولية الى نحو مليون نسمة. وغالباً ما يشتكي ابناء هذه الاقلية الدينة من اضطهادٍ ممنهجتمارسة السلطات السعودية كما هو حال باقي الاقليات في انحاء المملكة كالشيعة الجعفرية في شرق المملكة والمسيحيين الذين يعدون بالافراد.
وقد اشار تقريرٌ لمنظمة هيومن رايت ووتش إلى مخاطر عديدة يتعرض لها ابناء الطائفة الاسماعيلية في نجران خاصة بعد تولي الأمير مشعل بن سعود منصب أمير نجران عام 1996 والذي استقطب الالاف من اليمنيين والسعوديين السنة إلى نجران لتغيير التركيبة الديمفرافية للمنطقة كما يقول اعيان الطائفة الاسماعيلية وهذا ما أثأر غضبهم في المحافظة.
واشتدت حدة هذا التوتر بين القبائل الاسماعيلية والسلطات الرسمية في السعودية في نيسان/ابريل 2000 عندما تجمع العشرات من ابناء الاسماعيلية المسلحين امام فندق هوليدي ان احتجاجا على تهميشهم في المملكة النفطية.
ولم يتهاون الجيش السعودي وقتها في الانتشار واغلاق المساجد الاسماعيلية ومقامات الشخصيات البارزة في الطائفة، وعلى اثر ذلك نصب ابناء الطائفة السواتر والثكنات على منطقة (خشيوة) وهي مقر زعيم الطائفة والعاصمة الدينية للفرقة السليمانية الإسماعيلية في العالم.
وانتهى هذا التطور الخطير انذاك باجتماعٍ عاجل بين قيادة الرياض واعيان من الطائفة الاسماعيلية، وعلى الرغم من مرور اكثر من 15عاماً على الحادثة الا ان ابناء الطائفة الاسماعيليةيُحرمون من ابسط حقوقهم كسعوديين فعلى سبيل المثال فإن قسماً واحداً من بين 35 قسماً حكومياًفي نجران يترأسه شخص من أتباع الإسماعيلية،فضلا عن البعثات الدراسية الجامعية التي يحرم منها ابناء الطائفة.
السلطات الرسمية في السعودية بدورها تنفي وجود مثل هذه الممارسات تجاه الطائفة الاسماعيلية، وفي عام 2014 تم تعيين اميراجديداً لنجران وهو الامير جلوي بن عبدالعزيز على امل فتحح صفحة جديدة، الا ان كبار رجال الدين الرسميين في السعودية لا زالوا يصفون ابناء الطائفة الاسماعيلية بالكفار ويسمون مساجدهم بالمعابد ويحثون ابناء السنة بعدم الاختلاط والتعامل معهم. ويمكن للمتتابع بكل سهولة ان يتصفح المواقع السعودية ليجد كم الهجوم الذي ينكب على ابناء الاسماعيلية باسوء الالفاظ والاتهامات، وما هذا الا نتيجةُ للشحن الذي يمارسه رجال الدين المحسوبين على السلطة من على منابرهم.
ولم تلعب القبائل الاسماعيلية دوراً في الصراع السعودي مع القبائل اليمنية على الحدود والتي تدين الى الطائفتين الاسماعيلية والزيدية، بل على العكس تماما التزم ابناء الاسماعيلية السعوديين الحياد على عكس نظرائهم في الجانب اليمن الذين نفذوا عدت هجمات على مواقع للجيش السعوديكردٍ على قصف الطائرات السعودية لمناطقهم.
ويبقى السؤال هل يستمر هذا الصمت من قبل ابناء القبائل الاسماعيلية في ظل ازدادت الهجمات الارهابية على مناطقهم في مقابل استمرار تجاهل السلطات الرسمية السعودية لحمايتها؟